ليلة القدر
إنها ليلة الفرقان والمغفرة والتوبة والرحمة والبركة، وليلة العتق من النار، وهي ليلة سلام للمؤمنين من كل مخاوفهم. إنها من أعظم الليالي قدراً ومكانة عند الخالق سبحانه وتعالى. إنها ليلة القدر، التي نزل فيها القرآن من اللوح المحفوظ إلى مكان في سماء الأرض يُعرف ببيت العزة، ومن ثم نزل جبريل عليه السلام بالقرآن إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بشكل متفرق وفقاً للأحداث والمسببات، حيث كانت أولى الآيات التي نزلت في ليلة القدر هي خمس آيات من سورة العلق. ولا تُحصى فضائل ليلة القدر، بدءاً من نزول القرآن، وصولاً إلى فضل قيام تلك الليلة وما تحمله من بركة ورحمة ومغفرة وأجر عظيم. وقد جعل الله سبحانه وتعالى ثوابها يعادل ألف شهر، مما يبرز مكانتها وأثرها الكبير في حياة المؤمنين.
ومن فضائل شهر رمضان وجوائزه العظيمة: احتواؤه على ليلة القدر، التي تُعتبر ليلة ذات قدر عظيم، حيث ضاعف الله فيها أجر الأعمال الصالحة لهذه الأمة بشكل كبير. فقد نزل القرآن في هذه الليلة، كما قال الله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر* وما أدراك ما ليلة القدر} [القدر: 1، 2]. وأيضاً قال الله جل وعلا: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين} [الدخان: 3].
موعد ليلة القدر 2025..
متى ليلة القدر رمضان 2025 – العشر الأواخر من رمضان
الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان 2025 ستكون من 21 مارس إلى 30 مارس (إذا بدأ شهر رمضان في عام 2025 في 1 مارس، وإلا فإنها ستكون قبل يوم واحد).
بالنسبة للمسلمين، فإن الأيام العشرة الأخيرة هي أهم أيام شهر رمضان ، حيث تقام ليلة القدر (ليلة القدر، الليلة السابعة والعشرين من شهر رمضان)، وهي أقدس ليلة في العام وأكثرها بركةً، خلال هذه الفترة لذا، ينخرط العديد من المسلمين في الصلاة الإضافية وتلاوة القرآن وأعمال العبادة خلال هذا الوقت.
استطلاع هلال شوال وموعد عيد الفطر 2025
يحل موعد عيد الفطر 2025 يوم 29 مارس 2025 أو يوم 30 مارس 2025، على أن تستطلع دار الإفتاء موعد عيد الفطر المبارك وتحدد موعده الرسمي، وبذلك يتبقى 125 على موعد عيد الفطر.
علامات ليلة القدر
ذكر الشيخ ابن عثيمين أن لليلة القدر علامات مقارنة وعلامات لاحقة. فأما العلامات المقارنة فذكر منها:
- قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة.
- طمأنينة القلب.
- انشراح الصدر من المسلم.
- الرياح تكون فيها ساكنة.
- وأما العلامات اللاحقة فذكر منها أن الشمس تطلع في صبيحتها من غير شعاع[12]، ودلل لذلك بحديث:
فضائل ليلة القدر
سُميت هذه الليلة بهذا الاسم لأن الله تعالى يحدد فيها الأرزاق والآجال، ويقرر فيها أحداث العالم كافة، حيث تُكتب فيها أسماء الأحياء والأموات، والناجين والهالكين، والسعداء والأشقياء، والعزيز والذليل، وكل ما يريده الله تعالى في تلك السنة. ثم يُسلم ذلك إلى الملائكة ليقوموا بتنفيذه، كما قال تعالى: “فيها يفرق كل أمر حكيم”. وهذا هو التقدير السنوي والتقدير الخاص، بينما التقدير العام يسبق خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، كما ورد في الأحاديث الصحيحة.
وبعد قراءة سورة القدر وشروحها، ومعرفة قيمة هذه الليلة في ميزان الله تبارك وتعالى، نستعرض الفضائل التي تميزت بها هذه الليلة العظيمة، وهي:
- تنزل القرآن فيها، وهي المعجزة الخالدة للنبي صلى الله عليه وسلم.
- ليلة كثيرة البركة والرحمة.
- هذه الليلة تقدر فيها الآجال والأرزاق وحوادث الليل والنهار.
- إن العبادة فيها خير من عبادة ألف شهر.
- الملائكة تتنزل فيها وهم لا ينزلون إلا بالخير والبركة والرحمة والعتق من النار.
- أنها سلام من الآفات والعقوبات.
- من قامها غفر له ما تقدم من ذنبه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم” من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” متفق عليه.
دعاء ليلة القدر
يقول ابن كثير: من المستحب الإكثار من الدعاء في جميع الأوقات، وخاصة في شهر رمضان، حيث يُفضل ذلك أكثر في العشر الأواخر منه، وبالأخص في ليالي الوتر. ومن الأدعية المستحبة في هذا الوقت هو: “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”. يُستحب أيضًا طلب العفو في ليلة القدر بعد الاجتهاد في الأعمال الصالحة خلال تلك الليالي، حيث يسعى العارفون إلى بذل الجهد، لكنهم قد لا يرون لأنفسهم عملاً صالحًا أو حالةً مرضية، مما يدفعهم للعودة إلى طلب العفو كما يفعل المذنبون. وهذا الدعاء يتيح لنا التوقف عند عدة نقاط نستخلص منها العبر، وهي:
تتجلى الحكمة في تخصيص هذه الليلة بسؤال العفو، حيث يسير العبد نحو الله سبحانه وتعالى بين إدراكه لنعم الله وفضله عليه، ورؤيته لعيوب نفسه وأعماله وتفريطه. فهو يدرك أن ربه لو عذبه بأقصى العذاب لكان ذلك عدلاً منه. ومن هنا، نجد في حديث سيد الاستغفار قوله: “أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي”، مما يعكس شعور العبد بالتقصير والذنب، ورؤيته لربه كمن يحسن إليه.
يتضمن الدعاء بهذا الأسلوب أدباً مهماً من آداب الدعاء، وهو الثناء على الله تعالى بما هو أهل له، بما يتناسب مع ما يطلبه الداعي؛ أي تمجيد العبد لربه، وطلب العفو منه. كما يعكس استشعار حسن الظن بالله تبارك وتعالى، مما يملأ قلب المؤمن بالأمل والرجاء.
تظهر حاجة العبد وفقره إلى عفو الله تعالى، ويعكس الإسلام يسرًا واضحًا، حيث تتجلى دلائل هذا التيسير في جميع جوانب التشريع، بما في ذلك أدعية الوحيين. وقد قالت عائشة رضي الله عنها: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء، ويدع ما سوى ذلك”.
كيفية إحياء ليلة القدر
قال ابن رجب: بالنسبة للعمل في ليلة القدر، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” متفق عليه. وقيامها يعني إحياؤها من خلال التهجد والصلاة فيها. وقد أوصى النبي عائشة بالدعاء في هذه الليلة. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتهجد في ليالي رمضان، ويقرأ القرآن بتؤدة، فلا يمر برحمة إلا سأل الله بها، ولا بآية تتحدث عن عذاب إلا استعاذ بالله منها، حيث كان يجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكر، وهذه هي أفضل وأكمل الأعمال في ليالي العشر وغيرها، والله أعلم. وقد قال الشعبي إن ليلة القدر تعادل في فضلها نهارها. وأشارت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر من رمضان يحيي ليله، ويوقظ أهله، ويشدد المئزر، وهو تعبير عن اعتزاله النساء واهتمامه بالعبادة.
قال ابن الجوزي: “كان السلف يستعدون لهذه الليلة، فكان تميم الداري يرتدي حلة قيمتها ألف درهم في الليلة التي يُرجى أنها ليلة القدر. وكان ثابت وحميد يغتسلان ويتعطران ويلبسان أفضل ثيابهما، ويقصدان المساجد في الليلة التي يُرجى فيها ليلة القدر. وقد قال النبي الكريم: “إن هذا الشهر قد أقبل عليكم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم”. رواه ابن ماجه.